تفكيك مخيمات المهاجرين بتونس.. عمليات أمنية مشددة ومصير غامض للنازحين
تفكيك مخيمات المهاجرين بتونس.. عمليات أمنية مشددة ومصير غامض للنازحين
أطلقت السلطات التونسية خلال الأسبوع الأول من أبريل الجاري حملة أمنية موسعة لتفكيك مخيمات المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، في منطقة "العامرة" بولاية صفاقس شرقي البلاد، وسط مرافقة أمنية مشددة.
وشهدت الحملة استخدام العشرات من سيارات الأمن والجرارات، ما أدى إلى تدمير خيامهم البدائية المنتشرة بين بساتين الزيتون، وتهجير قاطنيها قسرًا، وسط تصاعد أعمدة الدخان من المخيمات المدمرة، وفق وكالة "فرانس برس".
أكد المتحدث باسم الحرس الوطني التونسي، حسام الدين الجبابلي، أن عمليات التفكيك جرت بشكل "إنساني"، نافيًا استخدام الغاز المسيل للدموع أو القوة المفرطة.
وأوضح أن عدداً كبيراً من المهاجرين سيستفيدون من برنامج "العودة الطوعية"، فيما توزع آخرون على مناطق مختلفة في البلاد.
لكن هذه الرواية قوبلت بالتشكيك من منظمات حقوقية، حيث رأى رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن الهدف من هذه الحملة هو "تفريق المهاجرين لتهدئة التوترات مع السكان"، مشددًا على أنها "استراتيجية لن تنجح"، لأن المهاجرين سيضطرون لبناء مخيمات جديدة لعدم امتلاكهم أي بدائل سكنية.
معاناة إنسانية وتخبط في المصير
في مشهد يتكرر على طول الطريق بين مزارع الزيتون، شوهد مهاجرون يحملون ما تيسر من أمتعتهم، يفرون من ملاحقة قوات الأمن. يقول الشاب المالي باكايو عبد القادر (26 عامًا) وقد تشبث ببطانيتين: "لا أعرف ماذا أفعل"، معبرًا عن حالة من الضياع والارتباك التي تسيطر على الكثير من المهاجرين.
فيما أبدى الشاب النيجيري بنجامان إينا (29 عامًا) رغبته في العودة إلى بلاده بعد نجاته من حادث غرق في المتوسط، إلا أنه لم يفقد الأمل في الوصول إلى أوروبا، مؤكدًا: "بطريقة أو بأخرى، سنصل".
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد تم تنفيذ 1740 عملية "عودة طوعية" منذ بداية عام 2024، وهو رقم يُتوقع أن يزداد في ظل تدهور الظروف الإنسانية في مناطق تواجد المهاجرين.
يُذكر أن عدد العائدين في عام 2023 بلغ نحو 7000 شخص، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف عدد العائدين في 2022، ما يعكس اشتداد الأزمة وتغير السياسات الرسمية.
تفاقم التوترات والتحريض السياسي
يأتي هذا التصعيد الأمني وسط تصاعد خطابات الكراهية ضد المهاجرين، ولا سيما بعد تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد في فبراير 2023، والتي حذّر فيها من وجود "مخطط إجرامي لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس"، وهو ما فُسّر على نطاق واسع بأنه تحريض ضد المهاجرين الأفارقة.
وترافقت هذه التصريحات مع حملات عنف ورفض شعبي ضد وجودهم في المناطق الزراعية والريفية.
في ظل تراجع الحلم الأوروبي، وعدم توفر مأوى أو حلول بديلة، يواجه آلاف المهاجرين في تونس مستقبلاً غامضاً، بين مطرقة الملاحقات الأمنية وسندان المعاناة الإنسانية.
وفي مشهد يتكرر على الطرقات، شوهد مهاجرون يتجهون إلى بساتين زيتون جديدة، بحثًا عن مأوى مؤقت.. قد لا يصمد طويلًا أمام موجات التفكيك القادمة.